ماذا يعني أن تكون لاجئًا؟ قد يحفز هذا السؤال في مخيلتك مباشرة صورة شخص يظهر على شاشة تلفازك في مادة إخبارية، أو رقمًا في إحصاء قرأته، أو اسمًا لمستفيد من مشروع إنساني، أو مشهدًا لطفل نازح ينظر من خلف السلك الشائك لأحد المخيمات. لكن من هم هؤلاء اللاجئون فعلًا؟، وكيف اختزلتهم الحرب إلى مجرد صور من هذا النوع؟ وماذا يعني في الواقع أن تكون لاجئًا؟
تتحدث هذه المدونة عن اللاجئين بعيدًا عن تلك التصنيفات الباردة التي أرهقتنا بها مشاهد الحرب، بل إنها تحاول أن تتحدث إلينا من خلال اللاجئين أنفسهم، من خلال أصواتهم وشخصياتهم وقصصهم وتجاربهم والتحديات والمصاعب التي تواجههم، فقصة "هذا الإنسان" هي سردية إنسان اقتلعته الحرب من منزله وأرضه وعمله وبيئته وتركته في مهب الريح تتقاذفه المصالح السياسية، وتتلقفه المشاريع الإنسانية، لتتحدث عنه بصفة الغائب، وكأنه غير موجود، لكنها أيضًا قصة إنسان اختار أن يقف في وجه الظروف، وأن يصنع الفارق، وأن يبث الأمل، وأن يتحدى الصور النمطية السائدة.
هذا الإنسان أيضًا هو أي إنسان منا، وهو كل إنسان منا، في أي مكان في العالم، يملك ذكرياته وأحزانه وتطلعاته ومخاوفه، وإذ نسرد هذه القصص، فإنما نقوم بذلك للتذكير بإنسانيتنا المشتركة، وبأهمية العمل لبناء ثقافة الحوار واحترام الحقوق، وإحياء قيم الاستماع والفهم والتعاطف، في الوقت الذي نسجل فيه سردية اللاجئ لكي تبقى حية في ذاكرة الأجيال القادمة.
أن نسأل: "ماذا يعني أن تكون لاجئًا؟!"، يعني أن نسأل فعلًا: "ماذا يعني أن تكون إنسانًا؟!"
بمجرد أن يأخذ هذا الحوار مجراه الحقيقي، فإن السؤال الأول يختلف بشكل جوهري. فأن نسأل: "ماذا يعني أن تكون لاجئًا؟!"، يعني أن نسأل فعلًا: "ماذا يعني أن تكون إنسانًا؟!"